||

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

الإعجاز العلمي فى السنة النبوية

إسلاميات

الصحة العامة

التغذية السليمة

الصحة النفسية

» » » أين نجد السعادة هل هي فى المال أم الأولاد أم غير ذلك ؟؟؟
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم



السعادة هي جنة الأحلام التي ينشدها كل بشر، من الفيلسوف في قمة تفكيره وتجريده، إلى العامي في قاع سذاجته وبساطته. ومن الملك في قصره المشيد، إلى الصعلوك في كوخه الصغير . ولا نحسب أحداً يبحث عن الشقاء لنفسه ، أو يرضى بتعاستها 
أين السعادة؟

ولكن السؤال الذي حير الناس من قديم هو: أين السعادة ؟ لقد طلبها الأكثرون في غير موضعها، فعادوا كما يعود طالب اللؤلؤ في الصحراء، صفر اليدين، مجهود البدن، كسير النفس، خائب الرجاء! أجل لقد جرب الناس في شتى العصور ألوان المتع المادية، وصنوف الشهوات الحسية، فما وجدوها ـ وحدهاـ تحقق السعادة أبداً، وربما زادتهم ـ مع كل جديد منها ـ هماً جديداً .
هل السعادة في النعيم المادي؟

لقد ظن ذلك قوم ، فحسبوا السعادة في الغنى ، وفي رخاء العيش ، ووفرة النعيم ، ورفاهية الحياة، لكن البلاد التي ارتفع فيها مستوى المعيشة، وتيسرت فيها لأبنائها مطالب الحياة المادية، من مأكل ومشرب، وملبس ومسكن ومركب، مع كماليات كثيرة، لا تزال تشكو من تعاسة الحياة .
فكثرة المال ليست هي السعادة ، ولا العنصر الأول في تحقيقها، بل ربما كانت كثرة المال أحياناً وبالاً على صاحبها في الدنيا قبل الآخرة، لذا قال الله في شأن قوم من المنافقين : { فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا}(التوبة: 55) .
والعذاب هنا هو المشقة والنصب والألم والهم والسقم، فهو عذاب دنيوي حاضر، على نحو ما ورد في الحديث الشريف : (السفر قطعة من العذاب ) وهذا ما نشاهده بأعيننا في كل من جعل المال والدنيا أكبر همه، ومبلغ علمه، ومنتهى أمله، فهو دائماً معذب النفس، متعبالقلب، مثقل الروح، لا يغنيه قليل، ولا يشبعه كثير .
وفي الحديث الذي رواه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، تصوير لهذه النفسية المعذبة قال : ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) رواه الترمذي من حديث أنس، وروى ابن ماجه وغيره قريباً منه من حديث زيد بن ثابت .
ومن أبلغ العذاب في الدنيا كما قال ابن القيم (في كتابه إغاثة اللهفان) تشتيت الشمل وتفريق القلب، وكون الفقر نصب عينيه لا يفارقه، ولولا سكرة عشاق الدنيا بحبها لاستغاثوا من هذا العذاب.. على أن أكثرهم لا يزال يشكو ويصرخ منه .
ومن أنواع العذاب: عذاب القلب والبدن بتحمل أنكاد الدنيا ومحاربة أهلها إياه، ومقاساة معاداتهم، كما قال بعض السلف: “من أحب الدنيا فليوطن نفسه على تحمل المصائب” ومحب الدنيا لا ينفك عن ثلاث : هم لازم، وتعب دائم، وحسرة لا تنقضي وذلك أن محبها لا ينال منها شيئاً إلا طمحت نفسه إلى ما فوقه كما في الحديث الشريف : ( لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالث ) .
هل السعادة في الأولاد؟

حقيقة إن الأولاد زهرة الحياة، وزينة الدنيا، ولكن كم من أولاد جروا على آبائهم الويل وجازوهم بالعقوق والكفران بدل البر والإحسان، بل كم من آباء ذاقوا حتفهم على يد أولادهم طمعاً في ثرواتهم، أو لوقوفهم في سبيل شهواتهم . بعض من الآباء يقول لولده آسفاً آسياً :
غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً
تعل بما أسدى إليك وتنهـل
إذا ليلة تابتك بالشجو لم أبت
لبلواك إلا ساهراً أتملمــل
فلما بلغت الغاية التي
إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة
كأنك أنت المنعم المتفضــل - وكم رأينا في الحياة صور غريبة، وسمعنا أحاديث أغرب، عن عقوق الأبناء وتعاسة الآباء، وهذا ما جعل الآباء ما برحوا على مر العصور، يشدون شعرهم حنقاً من جحود أبنائهم، حتى أن الملك “لير” صرخ على لسان شكسبير قائلاً: “ليس أشد إيلاماً من ناب حية رقطاء، غير ابن جحود” . وما جعل شاعراً في الشوق يصرخ ويقول :
أرى ولد الفتى ضرراً عليه
لقد سعد الذي أمسى عقيماً
فإمـــا أن يربيه عدواً
وإمـا أن يخلفه يتيمـــاً
وإمـــا أن يوافيه حمام
فيترك حزنه أبداً مقيمـــاً
ثم ما حيلة الذين حرموا من الأولاد؟ أحكم عليهم بالشقاء المؤبد والتعاسة الدائمة .

السعادة في داخل الإنسان :

السعادة إذن ليست في وفرة المال ، ولا سطوة الجاه ، ولا كثرة الولد ، ولا نيل المنفعة ، ولا في العلو المادي .السعادة شيء معنوي لا يرى بالعين ، ولا يقاس بالكم ، ولا تحتويه الخزائن ، ولا يشترى بالدينار ، أو بالجنيه أو الدولار . السعادة شيء يشعر به الإنسان بين جوانحه صفاء نفس ، وطمأنينة قلب ، وانشراح صدر ، وراحة ضمير .
السعادة شيء ينبع من داخل الإنسان ولا يستورد من خارجه .حدثوا أن زوجاً غاضب زوجته فقال لها متوعداً : لأشقينك ، فقالت الزوجة في هدوء : لا تستطيع أن تشقيني ، كما لا تملك أن تسعدني . فقال الزوج في حنق : وكيف لا أستطيع ؟ فقالت الزوجة في ثقة : لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني ، أو زينة من الحلي والحلل لحرمتني منها، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون ! فقال الزوج في دهشة : وما هو ؟ فقالت الزوجة في يقين : إني أجد سعادة في إيماني ، وإيماني في قلبي ، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي ! هذه هي السعادة الحقة ، السعادة التي لا يملك بشر أن يعطيها ، ولا يملك أن ينتزعها ممن أوتيها ، السعادة التي شعر بنشوتها أحد المؤمنين الصالحين فقال : إننا نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف !
وقال آخر وهو ثمل بتلك اللذة الروحية التي تغمر جوانبه : إنه لتمر علي ساعات أقول فيها : لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه الآن لكانوا إذن في عيش طيب ! والذين رزقوا هذه النعمة يسخرون من الأحداث وان برقت ورعدت، ويبتسمون للحياة وان هي كشرت عن نابها ، ويفلسفون الألم ، فإذا هو يستحيل عندهم إلى نعمة تستحق الشكر، على حين هو عند غيرهم مصيبة تستوجب الصراخ والشكوى . كأنما عندهم غدد روحية خاصة، مهمتها أن تفرز مادة معينة تتحول بها كوارث الحياة إلى نعم .
القدر المادي اللازم لتحقيق السعادة :

ولا نجحد أن للجانب المادي مكاناً في تحقيق السعادة، كيف؟ وقد قال رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم : ( من سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة ، والمسكن الصالح، والمركب الصالح)رواه أحمد بإسناد صحيح من حديث سعد بن أبي وقاص .
وقد مَثَّل عيسى ابن مريم عليه السلام محب الدنيا بشارب الخمر، كلما ازداد شرباً ازداد عطشاً .
بيد أنه ليس المكان الأول ولا الأفسح، والمدار فيه على الكيف لا على الكم، فحسب الإنسان أن يسلم من المنغصات المادية التي يضيق بها الصدر، من مثل: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء، وأن يمنح الأمن والعافية، ويتيسر له القوت في غير حرج ولا إعنات.
وما أصدق وأروع الحديث النبوي الشريف ( من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ) رواه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وقال: حسن غريب، وابن ماجه .
وإذا كانت السعادة شجرة منبتها النفس البشرية، والقلب الإنساني، فإن الإيمان بالله وبالدار الآخرة هو ماؤها وغذاؤها، وهواؤها وضياؤها . لقد فجر الإيمان في قلب الإنسان ينابيع للسعادة، لا يمكن أن تغيض، ولا أن تتحقق السعادة بغيرها . تلك هي ينابيع السكينة، والأمن، والأمل، والرضا، والحب، وسنخص كلا منها بالحديث فيما يلي من الصفحات .

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم

عالم المجرات والكواكب

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

Twitter Feed Facebook Google Plus Youtube

ثقافة ومعلومات