معنى التردد الوارد في الحديث القدسي: " إن الله تعالى قال : من
عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب و ما تقرب إلي عبدي
بشيء أحب إلي مما افترضته عليه و ما زال عبدي يتقرب
إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته
:كنت سمعه الذي يسمع به
و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي عليها و إن سألني لأعطينه و
لئن استعاذني لأعيذنه و ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن , يكره الموت و أنا أكره مساءته"صحيح . الصحيحة برقم (1640) .
قال فضيلة الشيخ الألباني – رحمه الله - :إن لشيخ الإسلام جوابا قيما على سؤال حول التردد المذكور في هذا الحديث أنقله هنا بشيء من الاختصار لعزته و أهميته قال رحمه الله تعالى في “ المجموع “ ( 18 / 129 - 131) .
“ هذا حديث شريف , و هو أشرف حديث روي في صفة الأولياء .و قد رد هذا الكلام طائفة و قالوا : إن الله لا يوصف بالتردد , فإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور , و الله أعلم بالعواقب و ربما قال بعضهم : إن الله يعامل معاملة التردد !
و التحقيق :أن كلام رسوله حق و ليس أحد أعلم بالله من رسوله , و لا أنصح للأمة , و لا أفصح و لا أحسن بيانا منه .فإذا كان كذلك كان المتحذلق و المنكر عليه من أضل الناس , و أجهلهم و أسوئهم أدبا بل يجب تأديبه و تعزيره و يجب أن يصان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظنون الباطلة و الاعتقادات الفاسدة و لكن المتردد منا و إن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور (فإنه ) لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا فإن الله ليس كمثله شيء ثم هذا باطل ( على إطلاقه) فإن الواحد يتردد تارة لعدم العلم بالعواق و تارة لما في الفعلين من المصالح و المفاسد فيريد الفعل لما فيه من المصلحة , و يكرهه لما فيه من المفسدة لا لجهله منه بالشيء الواحد الذي يحب من وجه و يكره من وجه .كما قيل:الشيب كره و كره أن أفارقه ...... فاعجب لشيء على البغضاء محبوب و هذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب و في “ الصحيح “ : “ حفت النار بالشهوات , و حفت الجنة بالمكاره “ و قال تعالى : ( كتب عليكم القتال و هو كره لكم ) الآية و من هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في الحديث فإنه قال : “ لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه “ فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوبا للحق محبا ليتقرب إليه أولا بالفرائض و هو يحبها ثم اجتهد في النوافل , التي يحبها و يحب فاعلها فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة , بحيث يحب ما يحبه محبوبه , و يكره ما يكره محبوبه و الرب يكره أن يسوء عبده و محبوبه فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه و الله سبحانه قد قضى بالموت . فكل ما قضى به فهو يريده و لابد منه فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه و هو مع ذلك كاره لمساءة عبده , و هي المساءة التي تحصل له بالموت فصار الموت مرادا للحق من وجه مكروها له من وجه و هذا حقيقة التردد و هو أن يكون الشيء الواحد مرادا من وجه مكروها من وجه و إن كان لابد من ترجح أحد الجانبين كما ترجح إرادة الموت , لكن مع وجود كراهة مساءة عبده و ليس إرادته لموت المؤمن الذي يحبه و يكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه و يريد مساءته “و قال في مكان آخر ( 10 / 58 - 59) “ فبين - سبحانه - أنه يتردد لأن التردد تعارض إرادتين فهو سبحانه يحب ما يحب عبده , و يكره ما يكرهه , و هو يكره الموت , فهو يكرهه كما قال : “ و أنا أكره مساءته “ و هو سبحانه قد قضى بالموت فهو يريد أن يموت , فسمى ذلك ترددا . ثم بين أنه لابد من وقوع ذلك “ نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد لعبد اللطيف بن أبي ربيع(1/36-37)
قال فضيلة الشيخ الألباني – رحمه الله - :إن لشيخ الإسلام جوابا قيما على سؤال حول التردد المذكور في هذا الحديث أنقله هنا بشيء من الاختصار لعزته و أهميته قال رحمه الله تعالى في “ المجموع “ ( 18 / 129 - 131) .
“ هذا حديث شريف , و هو أشرف حديث روي في صفة الأولياء .و قد رد هذا الكلام طائفة و قالوا : إن الله لا يوصف بالتردد , فإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور , و الله أعلم بالعواقب و ربما قال بعضهم : إن الله يعامل معاملة التردد !
و التحقيق :أن كلام رسوله حق و ليس أحد أعلم بالله من رسوله , و لا أنصح للأمة , و لا أفصح و لا أحسن بيانا منه .فإذا كان كذلك كان المتحذلق و المنكر عليه من أضل الناس , و أجهلهم و أسوئهم أدبا بل يجب تأديبه و تعزيره و يجب أن يصان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظنون الباطلة و الاعتقادات الفاسدة و لكن المتردد منا و إن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور (فإنه ) لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا فإن الله ليس كمثله شيء ثم هذا باطل ( على إطلاقه) فإن الواحد يتردد تارة لعدم العلم بالعواق و تارة لما في الفعلين من المصالح و المفاسد فيريد الفعل لما فيه من المصلحة , و يكرهه لما فيه من المفسدة لا لجهله منه بالشيء الواحد الذي يحب من وجه و يكره من وجه .كما قيل:الشيب كره و كره أن أفارقه ...... فاعجب لشيء على البغضاء محبوب و هذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب و في “ الصحيح “ : “ حفت النار بالشهوات , و حفت الجنة بالمكاره “ و قال تعالى : ( كتب عليكم القتال و هو كره لكم ) الآية و من هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في الحديث فإنه قال : “ لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه “ فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوبا للحق محبا ليتقرب إليه أولا بالفرائض و هو يحبها ثم اجتهد في النوافل , التي يحبها و يحب فاعلها فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة , بحيث يحب ما يحبه محبوبه , و يكره ما يكره محبوبه و الرب يكره أن يسوء عبده و محبوبه فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه و الله سبحانه قد قضى بالموت . فكل ما قضى به فهو يريده و لابد منه فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه و هو مع ذلك كاره لمساءة عبده , و هي المساءة التي تحصل له بالموت فصار الموت مرادا للحق من وجه مكروها له من وجه و هذا حقيقة التردد و هو أن يكون الشيء الواحد مرادا من وجه مكروها من وجه و إن كان لابد من ترجح أحد الجانبين كما ترجح إرادة الموت , لكن مع وجود كراهة مساءة عبده و ليس إرادته لموت المؤمن الذي يحبه و يكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه و يريد مساءته “و قال في مكان آخر ( 10 / 58 - 59) “ فبين - سبحانه - أنه يتردد لأن التردد تعارض إرادتين فهو سبحانه يحب ما يحب عبده , و يكره ما يكرهه , و هو يكره الموت , فهو يكرهه كما قال : “ و أنا أكره مساءته “ و هو سبحانه قد قضى بالموت فهو يريد أن يموت , فسمى ذلك ترددا . ثم بين أنه لابد من وقوع ذلك “ نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد لعبد اللطيف بن أبي ربيع(1/36-37)