الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ...
انتشرت بين العوامِ فكرةٌ أن الإنسان ينادى عليه يوم القيامة باسم أمه ، فيقال له : يا فلانُ بنُ فلانة .
فما صحةُ ذلك ؟!
قبل الجواب على السؤال هناك الكثير من التصورات والأفكارالخاطئة عند العوام التي يجب على العلماء وطلبة العلم تجلية تلك الأفكار ، وبيان الصواب فيها ، وخاصة تلك التي تتعلقُ بالعقائد ، وذلك من خلال نصوص الكتاب والسنة ، فدعونا نقف مع هذه الفكرة من خلال بيان الصواب فيها .
كلنا يعلم أن المولود حين يولد في هذه الدنيا ينسب لأبيه ، على أن التبني كان معمولا به في الجاهلية والإسلام ، كما حصل مع زيد بن حارثة ، الذي كان كان ينسب إلى نبينا صلى الله عليه وسلم ويقال له : " زيد بن محمد " ، فجاء المنع من ذلك .
عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر قَالَ : " إِنَّ زَيْد بْن حَارِثَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلَّا زَيْد بْن مُحَمَّد حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآن " ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ " [ الأحزاب : 5 ] . أخرجه البخاري ومسلم .
قال القرطبي : " وَفِي قَوْل اِبْن عُمَر : مَا كُنَّا نَدْعُو زَيْد بْن حَارِثَة إِلَّا زَيْد بْن مُحَمَّد , دَلِيل عَلَى أَنَّ التَّبَنِّيَ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام , يُتَوَارَث بِهِ وَيُتَنَاصَر , إِلَى أَنْ نَسَخَ اللَّه ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : " اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْد اللَّه " أَيْ أَعْدَلُ . فَرَفَعَ اللَّه حُكْم التَّبَنِّي وَمَنَعَ مِنْ إِطْلَاق لَفْظه , وَأَرْشَدَ بِقَوْلِهِ إِلَى أَنَّ الْأَوْلَى وَالْأَعْدَل أَنْ يُنْسَب الرَّجُل إِلَى أَبِيهِ نَسَبًا " .
فالولد ينسبُ إلى أبيه فيقال : " فلان بن فلان " لأن هذا النسب له تباعاته في كثير من الأمور .
إذا تقرر هذا الأمر نأتي على الرد على شبهة منادة الإنسان باسم أمه يوم القيامة من وجوه :
أولا : ورد تفسيرٌ شاذ لقوله تعالى : " يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ " الإسراء : 71 فقالوا المقصود : " يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بأمهاتهم " جمعُ " أُمٍّ " ، وقد رده أئمة التفسير لشذوذه .
قال الزمخشري في " الكشاف " (2/456) " : ومن بدع التفاسير : أن الإمام جمعُ ( أُمٍّ ) ، وأن الناسَ يدعون يوم القيامة بأمَّهاتهم ، وأن الحكمة في الدعاء بالأمهات دون الآباء رعاية حقّ عيسى عليه السلام ، وإظهار شرف الحسن والحسين ، وأن لا يفتضح أولادُ الزنا ، وليت شعري ! أيهما أبدعُ أصِحَّةُ لفظه ، أم بهاءُ حكمتهُ ؟ " .
وقال القرطبي : " وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب : " بِإِمَامِهِمْ " بِأُمَّهَاتِهِمْ . وَإِمَام جَمْع آمّ . قَالَتْ الْحُكَمَاء : وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَة أَوْجُه مِنْ الْحِكْمَة ; أَحَدهَا - لِأَجْلِ عِيسَى . وَالثَّانِي - إِظْهَار لِشَرَفِ الْحَسَن وَالْحُسَيْن . وَالثَّالِث - لِئَلَّا يُفْتَضَح أَوْلَاد الزِّنَا .
قُلْت : وَفِي هَذَا الْقَوْل نَظَر ; فَإِنَّ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح ... دَلِيل عَلَى أَنَّ النَّاس يُدْعَوْنَ فِي الْآخِرَة بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاء آبَائِهِمْ , وَهَذَا يَرُدّ عَلَى مَنْ قَالَ : إِنَّمَا يُدْعَوْنَ بِأَسْمَاءِ أُمَّهَاتهمْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ سَتْرًا عَلَى آبَائِهِمْ . وَاَللَّه أَعْلَم " .ا.هـ.
وقال العلامة الشنقيطي في " أضواء البيان " : " هذا قول باطل " .
ثانياً : وردت أحاديث لا يثبت منها شيء في منادة الرجل باسم أمه ، بل بعضها باطل . حديث : " يدعى الناس يوم القيامة بأمهاتهم سترا من الله عز و جل عليهم " .
قال عنه الألباني في " الضعيفة (433) " موضوع " ، وقال أيضا في موضع آخر (5463) : " باطل " .حديث : " شَهِدْت أَبَا أُمَامَةَ - وَهُوَ فِي النَّزْع - قَالَ : إِذَا مُتّ فَاصْنَعُوا بِي كَمَا أَمَرَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : إِذَا مَاتَ أَحَد مِنْ إِخْوَانكُمْ فَسَوَّيْتُمْ التُّرَاب عَلَى قَبْره , فَلْيَقُمْ أَحَدكُمْ عَلَى رَأْس قَبْره , ثُمَّ لِيَقُلْ يَا فُلَان بْن فُلَانَة , فَإِنَّهُ يَسْمَعهُ وَلَا يُجِيبهُ , ثُمَّ يَقُول : يَا فُلَان بْن فُلَانَة فَإِنَّهُ يَقُول : أَرْشِدْنَا رَحِمَك اللَّه - فَذَكَرَ الْحَدِيث - وَفِيهِ فَقَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه , فَإِنْ لَمْ يَعْرِف أُمّه , قَالَ : فَلْيَنْسُبْهُ إِلَى أُمّه حَوَّاء فُلَان بْن حَوَّاء " .
قال عنه الإمام ابنُ القيم في " تهذيب السنن " : " وَلَكِنْ هَذَا الْحَدِيث مُتَّفَق عَلَى ضَعْفه فَلَا تَقُوم بِهِ حُجَّة فَضْلًا عَنْ أَنْ يُعَارَض بِهِ مَا هُوَ أَصَحّ مِنْهُ " .
وقال الصنعاني في " سبل السلام : " قَالَ فِي الْمَنَارِ : إنَّ حَدِيثَ التَّلْقِينِ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَشُكُّ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ فِي وَضْعِهِ وَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ فَالْمَسْأَلَةُ حِمْصِيَّةٌ ... وَيَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّةِ التَّحْقِيقِ أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَالْعَمَلُ بِهِ بِدْعَةٌ ، وَلَا يُغْتَرُّ بِكَثْرَةِ مَنْ يَفْعَلُهُ . "
فالأحاديث لا تثبت عن النبي في المنادة باسم الأم ، ولا يعول عليها ، ولا يعمل بها .
ثالثاً : من أقوى الأدلة وأصرحها في المنادة باسم الأب يوم القيامة : عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ الْغَادِرَ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ " . أخرجه البخاري ، وبوب له : " باب مَا يُدْعَى النَّاسُ بِآبَائِهِمْ " . وقال الحافظُ ابنُ حجر : " فَتَضَمَّنَ الْحَدِيث أَنَّهُ يُنْسَب إِلَى أَبِيهِ فِي الْمَوْقِف الْأَعْظَم " . وَقَالَ اِبْن بَطَّال : " فِي هَذَا الْحَدِيث رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ لَا يُدْعَوْنَ يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا بِأُمَّهَاتِهِمْ سَتْرًا عَلَى آبَائِهِمْ ... وَالدُّعَاء بِالْآبَاءِ أَشَدّ فِي التَّعْرِيف وَأَبْلَغ فِي التَّمْيِيز " .
وقال الإمام ابنُ القيم في " تهذيب السنن " : " وَفِي هَذَا الْحَدِيث : رَدّ عَلَى مَنْ قَالَ : إِنَّ النَّاس يَوْم الْقِيَامَة إِنَّمَا يُدْعَوْنَ بِأُمَّهَاتِهِمْ , لَا آبَائِهِمْ وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه لِذَلِكَ فَقَالَ " بَاب يُدْعَى النَّاس بِآبَائِهِمْ " وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيث نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر ... " .حديث البراء بن عازب الطويل في صقة خروج الروح : " مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ ؟ فَيَقُولُونَ : " فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ " بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا ... مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ ؟ فَيَقُولُونَ : " فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ " بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا ... " . أخرجهُ الإمام أحمد .
انتشرت بين العوامِ فكرةٌ أن الإنسان ينادى عليه يوم القيامة باسم أمه ، فيقال له : يا فلانُ بنُ فلانة .
فما صحةُ ذلك ؟!
قبل الجواب على السؤال هناك الكثير من التصورات والأفكارالخاطئة عند العوام التي يجب على العلماء وطلبة العلم تجلية تلك الأفكار ، وبيان الصواب فيها ، وخاصة تلك التي تتعلقُ بالعقائد ، وذلك من خلال نصوص الكتاب والسنة ، فدعونا نقف مع هذه الفكرة من خلال بيان الصواب فيها .
كلنا يعلم أن المولود حين يولد في هذه الدنيا ينسب لأبيه ، على أن التبني كان معمولا به في الجاهلية والإسلام ، كما حصل مع زيد بن حارثة ، الذي كان كان ينسب إلى نبينا صلى الله عليه وسلم ويقال له : " زيد بن محمد " ، فجاء المنع من ذلك .
عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر قَالَ : " إِنَّ زَيْد بْن حَارِثَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلَّا زَيْد بْن مُحَمَّد حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآن " ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ " [ الأحزاب : 5 ] . أخرجه البخاري ومسلم .
قال القرطبي : " وَفِي قَوْل اِبْن عُمَر : مَا كُنَّا نَدْعُو زَيْد بْن حَارِثَة إِلَّا زَيْد بْن مُحَمَّد , دَلِيل عَلَى أَنَّ التَّبَنِّيَ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام , يُتَوَارَث بِهِ وَيُتَنَاصَر , إِلَى أَنْ نَسَخَ اللَّه ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : " اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْد اللَّه " أَيْ أَعْدَلُ . فَرَفَعَ اللَّه حُكْم التَّبَنِّي وَمَنَعَ مِنْ إِطْلَاق لَفْظه , وَأَرْشَدَ بِقَوْلِهِ إِلَى أَنَّ الْأَوْلَى وَالْأَعْدَل أَنْ يُنْسَب الرَّجُل إِلَى أَبِيهِ نَسَبًا " .
فالولد ينسبُ إلى أبيه فيقال : " فلان بن فلان " لأن هذا النسب له تباعاته في كثير من الأمور .
إذا تقرر هذا الأمر نأتي على الرد على شبهة منادة الإنسان باسم أمه يوم القيامة من وجوه :
أولا : ورد تفسيرٌ شاذ لقوله تعالى : " يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ " الإسراء : 71 فقالوا المقصود : " يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بأمهاتهم " جمعُ " أُمٍّ " ، وقد رده أئمة التفسير لشذوذه .
قال الزمخشري في " الكشاف " (2/456) " : ومن بدع التفاسير : أن الإمام جمعُ ( أُمٍّ ) ، وأن الناسَ يدعون يوم القيامة بأمَّهاتهم ، وأن الحكمة في الدعاء بالأمهات دون الآباء رعاية حقّ عيسى عليه السلام ، وإظهار شرف الحسن والحسين ، وأن لا يفتضح أولادُ الزنا ، وليت شعري ! أيهما أبدعُ أصِحَّةُ لفظه ، أم بهاءُ حكمتهُ ؟ " .
وقال القرطبي : " وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب : " بِإِمَامِهِمْ " بِأُمَّهَاتِهِمْ . وَإِمَام جَمْع آمّ . قَالَتْ الْحُكَمَاء : وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَة أَوْجُه مِنْ الْحِكْمَة ; أَحَدهَا - لِأَجْلِ عِيسَى . وَالثَّانِي - إِظْهَار لِشَرَفِ الْحَسَن وَالْحُسَيْن . وَالثَّالِث - لِئَلَّا يُفْتَضَح أَوْلَاد الزِّنَا .
قُلْت : وَفِي هَذَا الْقَوْل نَظَر ; فَإِنَّ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح ... دَلِيل عَلَى أَنَّ النَّاس يُدْعَوْنَ فِي الْآخِرَة بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاء آبَائِهِمْ , وَهَذَا يَرُدّ عَلَى مَنْ قَالَ : إِنَّمَا يُدْعَوْنَ بِأَسْمَاءِ أُمَّهَاتهمْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ سَتْرًا عَلَى آبَائِهِمْ . وَاَللَّه أَعْلَم " .ا.هـ.
وقال العلامة الشنقيطي في " أضواء البيان " : " هذا قول باطل " .
ثانياً : وردت أحاديث لا يثبت منها شيء في منادة الرجل باسم أمه ، بل بعضها باطل . حديث : " يدعى الناس يوم القيامة بأمهاتهم سترا من الله عز و جل عليهم " .
قال عنه الألباني في " الضعيفة (433) " موضوع " ، وقال أيضا في موضع آخر (5463) : " باطل " .حديث : " شَهِدْت أَبَا أُمَامَةَ - وَهُوَ فِي النَّزْع - قَالَ : إِذَا مُتّ فَاصْنَعُوا بِي كَمَا أَمَرَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : إِذَا مَاتَ أَحَد مِنْ إِخْوَانكُمْ فَسَوَّيْتُمْ التُّرَاب عَلَى قَبْره , فَلْيَقُمْ أَحَدكُمْ عَلَى رَأْس قَبْره , ثُمَّ لِيَقُلْ يَا فُلَان بْن فُلَانَة , فَإِنَّهُ يَسْمَعهُ وَلَا يُجِيبهُ , ثُمَّ يَقُول : يَا فُلَان بْن فُلَانَة فَإِنَّهُ يَقُول : أَرْشِدْنَا رَحِمَك اللَّه - فَذَكَرَ الْحَدِيث - وَفِيهِ فَقَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه , فَإِنْ لَمْ يَعْرِف أُمّه , قَالَ : فَلْيَنْسُبْهُ إِلَى أُمّه حَوَّاء فُلَان بْن حَوَّاء " .
قال عنه الإمام ابنُ القيم في " تهذيب السنن " : " وَلَكِنْ هَذَا الْحَدِيث مُتَّفَق عَلَى ضَعْفه فَلَا تَقُوم بِهِ حُجَّة فَضْلًا عَنْ أَنْ يُعَارَض بِهِ مَا هُوَ أَصَحّ مِنْهُ " .
وقال الصنعاني في " سبل السلام : " قَالَ فِي الْمَنَارِ : إنَّ حَدِيثَ التَّلْقِينِ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَشُكُّ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ فِي وَضْعِهِ وَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ فَالْمَسْأَلَةُ حِمْصِيَّةٌ ... وَيَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّةِ التَّحْقِيقِ أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَالْعَمَلُ بِهِ بِدْعَةٌ ، وَلَا يُغْتَرُّ بِكَثْرَةِ مَنْ يَفْعَلُهُ . "
فالأحاديث لا تثبت عن النبي في المنادة باسم الأم ، ولا يعول عليها ، ولا يعمل بها .
ثالثاً : من أقوى الأدلة وأصرحها في المنادة باسم الأب يوم القيامة : عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ الْغَادِرَ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ " . أخرجه البخاري ، وبوب له : " باب مَا يُدْعَى النَّاسُ بِآبَائِهِمْ " . وقال الحافظُ ابنُ حجر : " فَتَضَمَّنَ الْحَدِيث أَنَّهُ يُنْسَب إِلَى أَبِيهِ فِي الْمَوْقِف الْأَعْظَم " . وَقَالَ اِبْن بَطَّال : " فِي هَذَا الْحَدِيث رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ لَا يُدْعَوْنَ يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا بِأُمَّهَاتِهِمْ سَتْرًا عَلَى آبَائِهِمْ ... وَالدُّعَاء بِالْآبَاءِ أَشَدّ فِي التَّعْرِيف وَأَبْلَغ فِي التَّمْيِيز " .
وقال الإمام ابنُ القيم في " تهذيب السنن " : " وَفِي هَذَا الْحَدِيث : رَدّ عَلَى مَنْ قَالَ : إِنَّ النَّاس يَوْم الْقِيَامَة إِنَّمَا يُدْعَوْنَ بِأُمَّهَاتِهِمْ , لَا آبَائِهِمْ وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه لِذَلِكَ فَقَالَ " بَاب يُدْعَى النَّاس بِآبَائِهِمْ " وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيث نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر ... " .حديث البراء بن عازب الطويل في صقة خروج الروح : " مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ ؟ فَيَقُولُونَ : " فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ " بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا ... مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ ؟ فَيَقُولُونَ : " فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ " بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا ... " . أخرجهُ الإمام أحمد .