قام الدكتور فيم فلايشمان، رئيس قسم الطوارئ في مستشفى
بيتيجهايم في ألمانيا، بإجراء دراسة ميدانية استغرقت ثلاث سنوات أثبتت
كفاءة استخدام هذه اليرقات في علاج تقرح الجروح. أما الدكتور مارتين أوستر،
وهو جراح في قسم الحوادث في المستشفى فركز على الإمكانيات العلاجية
الجديدة قائلا: "نستخدم اليرقات في الجروح التي يتأخر شفاؤها والناتجة عن
العمليات الجراحية أو إصابات الحوادث. ونستخدمها أيضاً في حالات الالتهابات
المزمنة للعظام".
إن العلاج بيرقات الذباب يتميز بفاعلية جيدة، خاصة في
علاج مرضى السكر من التقرحات والجروح المفتوحة، بالإضافة إلى تقرحات الفراش
والتهابات العظام. كما يساعد في حالات التقرحات الناتجة عن أمراض الأوعية
الدموية في الساقين. ويتم استخدام اليرقات الحية الطليقة بوضعها فوق الجرح
بعد إحاطته بشريط لاصق مشبع بمادة هلامية. بعد ذلك يتم تغطية المكان بضمادة
تثبت بشريط لاصق. أما في حال استخدام اليرقات المغلفة في أكياس قماشية
شبيهة بأكياس الشاي والتي تسمى Biobags، فإنه يتم وضع هذا الكيس فوق الجرح وتثبيته بشريط لاصق.
إن هذه اليرقات تهاجم الأنسجة الميتة والمتعفنة داخل
الجروح فقط. حيث تبدأ في إفراز سائل يعمل على إذابة الأنسجة الميتة
والمتقرحة، ثم تمتص هذا السائل بعد ذلك، أما الفضلات التي تفرزها بعد عملية
الهضم، فتتحول إلى مضاد حيوي يسرع في شفاء الجروح.
قام المركز الدولي لأبحاث النسيج "هوهينشتاين" بإجراء
دراسات حول طرق العلاج البديل المختلفة كان الهدف منها هو تصنيع أنسجة طبية
مشبعة بالمواد الطبيعية اللازمة لعلاج العديد من الأمراض. وبعد إثبات
فعالية اليرقات في علاج الجروح المستعصية يقوم المعهد بتصنيع نسيج خاص يتم
تشبيعه بالمواد المستخلصة من الكائنات الحية المختلفة، واستعماله كضمادات.
وستكون هذه الضمادات الجديدة هي البديل لمن يشمئز من شكل اليرقات الحية.
كما أنها ستشكل حلاً مناسبا يساعد في إيصال هذه الطريقة الفعالة إلى
الملايين.
في دراسات سابقة تبين أن السطح الخارجي
للذباب يحتوي على مضادات حيوية ويحاول العلماء الاستفادة من هذه المضادات
وعزلها لاستخدامها في علاج الأمراض المستعصية.
ومن خلال هذه الدراسات يتبين لنا أن الذباب فيه شفاء، وهذه حقيقة طبية مؤكدة اليوم، فهل نجد في كتاب الله وسنة نبيه ما يشير إلى ذلك؟
لقد ذكر الله في كتابه الذباب، بل ضربه مثلاً تحدى به الكفار أن يخلقوا ذبابة ولن يستطيعوا، يقول تعالى: (يَا
أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا
لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ
ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) [الحج: 73]. فكأن الله تعالى
يريد أن يعطينا إشارة إلى أهمية هذه المخلوقات وأنها لم تُخلق عبثاً بل هي
مسخرة لخدمتنا مثلها مثل بقية المخلوقات. يقول تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الجاثية: 13].
وفي هذا دليل على أن منزل القرآن أعلم بخلقه كيف لا يعلم وهو خالق كل شيء؟ (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك: 14]. فالذي أنزل القرآن هو خالق الذباب وهو الذي أودع فيه هذه الخصائص الشفائية، ولذلك لم يستحيي أن يذكره في كتابه.
كذلك فإن الحبيب صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى الخصائص الشفائية التي أودعها الله في هذه الحشرة، وذلك بقوله: (فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء)
حيث أشار النبي من خلال هذا الحديث الصحيح إلى أن الذباب يحمل على سطحه
الخارجي الداء والدواء، وبالفعل اكتشف العلماء أن جسد الذباب محمّل بكميات
كبيرة من البكتريا والفيروسات القاتلة، وعلى الرغم من ذلك لا يتأثر بها
لأنه محمَّل أيضاً بكمية من المضادات الحيوية القوية.
ونقول إن ما يكشفه العلماء اليوم من خصائص شفائية في
الذباب لا يتناقض مع ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام،
وهذا يشهد بصدق القرآن الذي قال الله عنه: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82].