المفتي:
عبدالله بن عبدالعزيز العقيل
الإجابة:
الذي عليه الجماهير
أن سجدة التلاوة سنة مؤكدة، وليست بواجبة، خلافا
لأصحاب أبى حنيفة رحمهم الله.
وهي سنة للقارئ
والمستمع: "وهو الذي يصغي ويقصد الاستماع وينصت للقراءة"، دون السامع:
"وهو الذي يسمع من دون أن يقصد الاستماع". والفرق بينهما ظاهر؛ لأن
المستمع يشارك القارئ في الأجر ولا يشاركه السامع. ويروى هذا عن عثمان بن عفان،
وعبد الله بن عباس ، وعمران بن حصين : قال عثمان : "إنما السجود على من استمع".
وقال ابن مسعود
وعمران : ما جلسنا لها - يعني القراءة -.
وإن لم يسجد القارئ،
لم يسجد المستمع؛ لأنه تابع له. وروى عطاء أن رجلا من الصحابة قرأ سجدة، فنظر إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إنك كنت إمامنا، ولو سجدت سجدنا معك"
(رواه الشافعي مرسلا) . وفي معناه عن ابن مسعود عند البخاري تعليقا . وهي أربع
عشرة سجدة: في (الأعراف) و(الرعد)، و(النحل)، و(الإسراء)، و(مريم)، وفي سورة
(الحج) سجدتان، وفي (الفرقان)، و(النمل)، و(الم تنزيل)، و(حم فصلت)، وفي (النجم)،
و(الانشقاق)، وفي (اقرأ).
أما سجدة سورة (ص)،
فليست منها. وإنما هي سجدة شكر؛ لما روى البخاري عن ابن عباس قال: (ص) ليس من
عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها.
فعلى هذا، يسجد لها
خارج الصلاة. وأما السجود لها في الصلاة فقد اختلف فيه
الفقهاء. والمشهور من المذهب أنه إن سجد بها في الصلاة عالما بطلت صلاته، بخلاف
الجاهل، والناسي، فلا تبطل.
واستظهر في (الفروع)
عدم البطلان .
وإذا أراد السجود للتلاوة فإنه يكبر للسجود، من دون تكبيرة
إحرام، كما يكبر إذا رفع، ويجلس ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه بلا تشهد. ولا بد من
قوله: (سبحان ربي الأعلى) في السجود. وإن زاد عليه مما ورد، فحسن. ومنه: "اللهم اكتب لي بها عندك أجرا،
وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك
داود" . ومنه: "سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته" .
والأفضل سجوده عن قيام؛ لما روي عن عائشة أنها كانت تقرأ في
المصحف، فقامت فسجدت ؛ وتشبيها لها بصلاة النفل.
وهذا كله على القول
المشهور من المذهب الذي مشى عليه المتأخرون من الأصحاب رحمهم الله، والله أعلم.