لماذا درس
ابن تيمية الفلسفة؟
درس ابن تيمية الفلسفة وعرفها ولكنه درسها ليهدمها وهو قد رآها داء قد أصاب فكر المسلمين فجعل منهم المتكلمين والمتفلسفين وأنها سرت إلى العقل الإسلامي فسيطرت على مساربه ويروي أنه قبل أن يخوض في بيان العقيدة الإسلامية وموافقتها لصريح المعقول لابد من إبعاد العناصر الفلسفية التي هي أخيلة وأوهام، كما يبعد عن الجسم الإنساني الأخلاط الضارة لتتم سلامته، فيقول في ذلك:
"لما كان بيان مراد الرسول في هذه الأبواب لا يتم إلا بدفع المعارض العقلي، وامتناع تقديم ذلك على نصوص الأنبياء، بينا في هذا الكتاب فساد القانون الفاسد الذي صدوا به الناس عن سبيل الله وعن فهم مراد الرسول وتصديقه فيما أخبر به، إذ كان أي دليل أقيم على بيان مراد الرسول لا ينفع إذا قدر أن المعارض العقلي ناقضه، بل يصير ذلك قدحاً في الرسول، وقدحاً فيمن استدل بكلامه، وصار هذا بمنزلة المريض الذي تكون به أخلاط فاسدة تمنع انتفاعه بالغذاء، فلا ينفعه مع وجود هذه الأخلاط الفاسدة التي تفسد الغذاء، فكذلك القلب الذي اعتقد قيام الدليل العقلي القاطع على نفي الصفات أو بعضها، أو نفي عموم خلقه لكل شيء وأمره ونهيه، أو امتناع المعاد أو غير ذلك لا ينفعه الاستدلال عليه في ذلك بالكتاب والسنة، إلا مع بيان فساد ذلك المعارض، وفساد المعارض قد يعلم جملة وتفصيلاً" (موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول المطبوع على هامش منهاج السنة ص9 ج1).
الفرق بينه وبين الغزالي:
درس ابن تيمية الفلسفة وما عند الفلاسفة، لا ليطلب الحقائق من ورائها، بل ليبين ان ما يعارض الدين منها، فهو آمن بما جاء به الرسول أولاً، ثم أراد أن ينفي عنه خبث الفلسفة، فدرس ذلك الخبث ليعرف حقيقته ثم ليبين انه بعد معرفته.
وهو في هذا يفترق عن منهاج الغزالي رضي الله عنه، فهو قد درس الفلسفة ليطلب الحقيقة من ورائها، وخلص نفسه من كل شيء ليصل إلى الحق المستقيم، واعتبر الشك هو الطريق للوصول إلى الحق، ولكن تبين له ان ما يقوله الفلاسفة، فعاد إلى الدين، وأشرق في نفسه نور الحقائق في خلوات صوفية عرف فيها نفسه، ثم حمل حملته على الفلاسفة وبين تهافتهم.
ومع ذلك هل تجرد منها؟ إنه بقيت في نفسه أثارة منها، بل إنه لم يتركها إلا وقد تكون عقله تكوناً فلسفياً، وأخذ أحد شعب الفلسفة وجعله جزءاً من دراساته، وهو المنطق، فهو في مقدمة كتاب المستصفي في عالم الأصول، والذي يعد أحد دعائم علم أصول الفقه الثلاثة (الكتب الثلاثة هي: المعتمد لأبي الحسين البصري، والبرهان لإمام الحرمين، والمستصفي للغزالي) يقرر أن الحقائق لا يمكن أن تعرف في أي علم من العلوم على وجهها إلا إذا كان المنطق ميزانها، ويقول في مقدمة كتاب المستصفي التي شرح بها علم المنطق إجمالاً ما نصه:
"نذكر في هذه المقدمة مدارك العقول وانحصارها في الحد والبرهان، ونذكر شرط الحد الحقيقي، وشرط البرهان الحقيقي، وأقسامها على منهاج أو جزء مما ذكرناه في كتاب محك النظر، وكتاب معيار العلم، وليست هذه المقدمة من جملة علم الأصول، ولا من مقدماته الخاصة به، بل هي مقدمة العلوم كلها، ومن لا يحيط بها فلا ثقة بعلومه أصلاً" (مقدمة المستصفي ص10 الجزء الأول).
وهذا إيمان بشعبة من شعب الفلسفة عميق، فإن علم المنطق فرع من فروعها، بل لعله أعظم تراث تركه أرسطو من بعده.
هذا هو الفرق بين المقصد عند هذين العالمين من دراسة الفلسفة، وقد تأدى بالأول إلى نقضها، وتأدى بالثاني إلى اعتناق بعضها، لذا قال بعض تلاميذ الغزالي: إنه دخل في بطن الفلسفة، ولما أراد الخروج منها لم يستطيع. فكانت منه تلك المناهج الفلسفية التي سلكها في دراسة العقائد، ودراسة أصول الفقه، بل كان منه تلك الحيرة التي بدت في آرائه في الفلسفة والفلاسفة، فبينما تراه يحمل على الفلاسفة، ويبين تهافتهم، تراه يقبض قبضة من علومهم ويجعلها وحدها ميزان العلوم، ولذا قال ابن تيمية فيه:
"كان أبو حامد ما يوجد في كلامه من الرد على الفلاسفة، وتكفيره لهم، وتعظيم النبوة وغير ذلك، ومع ما يوجد فيه من أشياء صحيحة حسنة، بل عظيمة القدر نافعة يوجد في بعض كلامه مادة فلسفية وأمور أضيفت توافق أصول الفلاسفة المخالفة للنبوة، بل المخالفة لصريح العقل، حتى تكلم فيه جماعات من علماء خراسان والعراق والمغرب" (شرح العقيدة الأصفهانية ص115).
ويقول فيه أيضاً:
"وأبو حامد لا يوافق المتفلسفة على كل ما يقولون، بل يكفرهم ويضللهم في موضع، وإن كان في الكتب المضافة إليه ما قد يوافق بعض أصولهم، بل في الكتب التي يقال إنها مضنونة بها على غير أهلها ما هو في الفلسفة مضنونة مخالفة لدين المسلمين واليهود والنصارى، وإن كان قد عبر عنها بعبارات إسلامية، لكن هذه الكتب في الناس من يقول إنها مكذوبة على أبي حامد، ومنهم من يقول: بل رجع عنها، ولا ريب أنه صرح في بعض المواضع ببعض ما قاله في هذه الكتب، وأخبر في المنقذ من الضلال، وغيره في كتبه بما في هذه من الضلال" (الكتاب المذكور ص49).
ثم بين أن الغزالي كان ينقل كتب الفلسفة، وأقوال الفلاسفة، وينقل عن أبي عبدالله المازري الفقيه المتكلم فيقول:
"قال (ابن المازري) ووجدت هذا الغزالي يعول على ابن سينا في أكثر ما يشير إليه في علوم الفلسفة، حتى إنه في بعض الأحايين ينقل نص كلامه من غير تغيير، وأحياناً يغيره، وينقله إلى الشرعيات أكثر مما نقل ابن سينا، لكونه أعلم بأسرار الشرع منه، فعلى ابن سينا ومؤلف رسائل إخوان الصفا عول الغزالي في علم الفلسفة" .
نقده للفلاسفة:
من هذا يتبين كيف غمر الغزالي نفسه في الفلسفة ولم يستطيع الخروج منها، لأنه طلبها ليعرف الحقيقة من ورائها فكانت نيته في الطلب سبباً في أن أحاط به غمارها، وكان يعيش في أقطارها، فالتقى العلم الشرعي بالعقل الفلسفي، ففلسف الشريعة، أو ألبس الفلسفة لبوس الشرع من حيث يشعر أو لا يشعر.
أما ابن تيمية فقد طلبها ليهدمها، فكان يقرؤها ويفهمها، وهو في غير محيطها، ولم ينغمر في غمارها، وشدد النكير على الغزالي في منهاجه، وأخذ يتبع هفواته ويتقصى هناته.
ولقد كان يرى أن علم الشرع من النبوة وحدها، سواء في ذلك أصول العقيدة، وفروع الفقه والأحكام العلمية، لأن النبوة جاءت بكل ذلك، فما جاءت به النبوة مصدر العلم به وطريق معرفته، ولا طريق سواه، ويرى أن أولئك الذين يضعون مقدمات عقلية تسبق الدراسة الشرعية، ويجعلون ما جاء في القرآن يسير على منهاجها، فيؤولون صريحة ليوافقها، إنما يجعلون علم العقل فوق علم النبوة، ويقول في ذلك:
"يقدمون في كتبهم الكلام في النظر والدليل والعلم، وأن النظر يوجب العلم وأنه واجب، ويتكلمون في *** النظر وجنس الدليل وجنس العلم بكلام قد اختلط فيه الحق بالباطل، ثم إذا صاروا إلى ما هو الأصل والدليل في الدين استدلوا بحدوث الأعراض على حدوث الأجسام، وهو دليل مبتدع في الشرع" (معارج الوصول ص4 من مجموعة رسائل لابن تيمية طبعة الخانجي).
ينقد ابن تيمية هؤلاء، لأنهم يقدمون عند دراستهم لما جاءت به النبوة تلك الدراسة العقلية عليها، ثم يحكمون على الأوصاف التي جاءت في القرآن بقوانينها، ويوجهونها بتوجيهها، فما يوافقها أقروه كما ورد، وما لم يوافقها وجهوه على اتجاهها، وأولوه بتأويلها، ثم هم في هذا السبيل لم يلتفتوا إلى السنة، ولم يعلموا أنها شارحة الكتاب، مبينة لكل ما جاء فيه، وأنها الطريق الوحيد لتفسيره.
نقد ابن تيمية هذا المسلك، لأنه يجعل الحاكم محكوماً، فيجعل النبوة التي هي حاكمة هادية للعقول محكومة بها خاضعة.
درس ابن تيمية الفلسفة وعرفها ولكنه درسها ليهدمها وهو قد رآها داء قد أصاب فكر المسلمين فجعل منهم المتكلمين والمتفلسفين وأنها سرت إلى العقل الإسلامي فسيطرت على مساربه ويروي أنه قبل أن يخوض في بيان العقيدة الإسلامية وموافقتها لصريح المعقول لابد من إبعاد العناصر الفلسفية التي هي أخيلة وأوهام، كما يبعد عن الجسم الإنساني الأخلاط الضارة لتتم سلامته، فيقول في ذلك:
"لما كان بيان مراد الرسول في هذه الأبواب لا يتم إلا بدفع المعارض العقلي، وامتناع تقديم ذلك على نصوص الأنبياء، بينا في هذا الكتاب فساد القانون الفاسد الذي صدوا به الناس عن سبيل الله وعن فهم مراد الرسول وتصديقه فيما أخبر به، إذ كان أي دليل أقيم على بيان مراد الرسول لا ينفع إذا قدر أن المعارض العقلي ناقضه، بل يصير ذلك قدحاً في الرسول، وقدحاً فيمن استدل بكلامه، وصار هذا بمنزلة المريض الذي تكون به أخلاط فاسدة تمنع انتفاعه بالغذاء، فلا ينفعه مع وجود هذه الأخلاط الفاسدة التي تفسد الغذاء، فكذلك القلب الذي اعتقد قيام الدليل العقلي القاطع على نفي الصفات أو بعضها، أو نفي عموم خلقه لكل شيء وأمره ونهيه، أو امتناع المعاد أو غير ذلك لا ينفعه الاستدلال عليه في ذلك بالكتاب والسنة، إلا مع بيان فساد ذلك المعارض، وفساد المعارض قد يعلم جملة وتفصيلاً" (موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول المطبوع على هامش منهاج السنة ص9 ج1).
الفرق بينه وبين الغزالي:
درس ابن تيمية الفلسفة وما عند الفلاسفة، لا ليطلب الحقائق من ورائها، بل ليبين ان ما يعارض الدين منها، فهو آمن بما جاء به الرسول أولاً، ثم أراد أن ينفي عنه خبث الفلسفة، فدرس ذلك الخبث ليعرف حقيقته ثم ليبين انه بعد معرفته.
وهو في هذا يفترق عن منهاج الغزالي رضي الله عنه، فهو قد درس الفلسفة ليطلب الحقيقة من ورائها، وخلص نفسه من كل شيء ليصل إلى الحق المستقيم، واعتبر الشك هو الطريق للوصول إلى الحق، ولكن تبين له ان ما يقوله الفلاسفة، فعاد إلى الدين، وأشرق في نفسه نور الحقائق في خلوات صوفية عرف فيها نفسه، ثم حمل حملته على الفلاسفة وبين تهافتهم.
ومع ذلك هل تجرد منها؟ إنه بقيت في نفسه أثارة منها، بل إنه لم يتركها إلا وقد تكون عقله تكوناً فلسفياً، وأخذ أحد شعب الفلسفة وجعله جزءاً من دراساته، وهو المنطق، فهو في مقدمة كتاب المستصفي في عالم الأصول، والذي يعد أحد دعائم علم أصول الفقه الثلاثة (الكتب الثلاثة هي: المعتمد لأبي الحسين البصري، والبرهان لإمام الحرمين، والمستصفي للغزالي) يقرر أن الحقائق لا يمكن أن تعرف في أي علم من العلوم على وجهها إلا إذا كان المنطق ميزانها، ويقول في مقدمة كتاب المستصفي التي شرح بها علم المنطق إجمالاً ما نصه:
"نذكر في هذه المقدمة مدارك العقول وانحصارها في الحد والبرهان، ونذكر شرط الحد الحقيقي، وشرط البرهان الحقيقي، وأقسامها على منهاج أو جزء مما ذكرناه في كتاب محك النظر، وكتاب معيار العلم، وليست هذه المقدمة من جملة علم الأصول، ولا من مقدماته الخاصة به، بل هي مقدمة العلوم كلها، ومن لا يحيط بها فلا ثقة بعلومه أصلاً" (مقدمة المستصفي ص10 الجزء الأول).
وهذا إيمان بشعبة من شعب الفلسفة عميق، فإن علم المنطق فرع من فروعها، بل لعله أعظم تراث تركه أرسطو من بعده.
هذا هو الفرق بين المقصد عند هذين العالمين من دراسة الفلسفة، وقد تأدى بالأول إلى نقضها، وتأدى بالثاني إلى اعتناق بعضها، لذا قال بعض تلاميذ الغزالي: إنه دخل في بطن الفلسفة، ولما أراد الخروج منها لم يستطيع. فكانت منه تلك المناهج الفلسفية التي سلكها في دراسة العقائد، ودراسة أصول الفقه، بل كان منه تلك الحيرة التي بدت في آرائه في الفلسفة والفلاسفة، فبينما تراه يحمل على الفلاسفة، ويبين تهافتهم، تراه يقبض قبضة من علومهم ويجعلها وحدها ميزان العلوم، ولذا قال ابن تيمية فيه:
"كان أبو حامد ما يوجد في كلامه من الرد على الفلاسفة، وتكفيره لهم، وتعظيم النبوة وغير ذلك، ومع ما يوجد فيه من أشياء صحيحة حسنة، بل عظيمة القدر نافعة يوجد في بعض كلامه مادة فلسفية وأمور أضيفت توافق أصول الفلاسفة المخالفة للنبوة، بل المخالفة لصريح العقل، حتى تكلم فيه جماعات من علماء خراسان والعراق والمغرب" (شرح العقيدة الأصفهانية ص115).
ويقول فيه أيضاً:
"وأبو حامد لا يوافق المتفلسفة على كل ما يقولون، بل يكفرهم ويضللهم في موضع، وإن كان في الكتب المضافة إليه ما قد يوافق بعض أصولهم، بل في الكتب التي يقال إنها مضنونة بها على غير أهلها ما هو في الفلسفة مضنونة مخالفة لدين المسلمين واليهود والنصارى، وإن كان قد عبر عنها بعبارات إسلامية، لكن هذه الكتب في الناس من يقول إنها مكذوبة على أبي حامد، ومنهم من يقول: بل رجع عنها، ولا ريب أنه صرح في بعض المواضع ببعض ما قاله في هذه الكتب، وأخبر في المنقذ من الضلال، وغيره في كتبه بما في هذه من الضلال" (الكتاب المذكور ص49).
ثم بين أن الغزالي كان ينقل كتب الفلسفة، وأقوال الفلاسفة، وينقل عن أبي عبدالله المازري الفقيه المتكلم فيقول:
"قال (ابن المازري) ووجدت هذا الغزالي يعول على ابن سينا في أكثر ما يشير إليه في علوم الفلسفة، حتى إنه في بعض الأحايين ينقل نص كلامه من غير تغيير، وأحياناً يغيره، وينقله إلى الشرعيات أكثر مما نقل ابن سينا، لكونه أعلم بأسرار الشرع منه، فعلى ابن سينا ومؤلف رسائل إخوان الصفا عول الغزالي في علم الفلسفة" .
نقده للفلاسفة:
من هذا يتبين كيف غمر الغزالي نفسه في الفلسفة ولم يستطيع الخروج منها، لأنه طلبها ليعرف الحقيقة من ورائها فكانت نيته في الطلب سبباً في أن أحاط به غمارها، وكان يعيش في أقطارها، فالتقى العلم الشرعي بالعقل الفلسفي، ففلسف الشريعة، أو ألبس الفلسفة لبوس الشرع من حيث يشعر أو لا يشعر.
أما ابن تيمية فقد طلبها ليهدمها، فكان يقرؤها ويفهمها، وهو في غير محيطها، ولم ينغمر في غمارها، وشدد النكير على الغزالي في منهاجه، وأخذ يتبع هفواته ويتقصى هناته.
ولقد كان يرى أن علم الشرع من النبوة وحدها، سواء في ذلك أصول العقيدة، وفروع الفقه والأحكام العلمية، لأن النبوة جاءت بكل ذلك، فما جاءت به النبوة مصدر العلم به وطريق معرفته، ولا طريق سواه، ويرى أن أولئك الذين يضعون مقدمات عقلية تسبق الدراسة الشرعية، ويجعلون ما جاء في القرآن يسير على منهاجها، فيؤولون صريحة ليوافقها، إنما يجعلون علم العقل فوق علم النبوة، ويقول في ذلك:
"يقدمون في كتبهم الكلام في النظر والدليل والعلم، وأن النظر يوجب العلم وأنه واجب، ويتكلمون في *** النظر وجنس الدليل وجنس العلم بكلام قد اختلط فيه الحق بالباطل، ثم إذا صاروا إلى ما هو الأصل والدليل في الدين استدلوا بحدوث الأعراض على حدوث الأجسام، وهو دليل مبتدع في الشرع" (معارج الوصول ص4 من مجموعة رسائل لابن تيمية طبعة الخانجي).
ينقد ابن تيمية هؤلاء، لأنهم يقدمون عند دراستهم لما جاءت به النبوة تلك الدراسة العقلية عليها، ثم يحكمون على الأوصاف التي جاءت في القرآن بقوانينها، ويوجهونها بتوجيهها، فما يوافقها أقروه كما ورد، وما لم يوافقها وجهوه على اتجاهها، وأولوه بتأويلها، ثم هم في هذا السبيل لم يلتفتوا إلى السنة، ولم يعلموا أنها شارحة الكتاب، مبينة لكل ما جاء فيه، وأنها الطريق الوحيد لتفسيره.
نقد ابن تيمية هذا المسلك، لأنه يجعل الحاكم محكوماً، فيجعل النبوة التي هي حاكمة هادية للعقول محكومة بها خاضعة.