كان (كافور الأخشيديّ)، العبدُ الذي حكمَ
مصر في عهد المماليك، وصاحبٌ له، عبدين أسودين مملوكين، هذا من قبل أن يُصبح
ملكاً، فتمنّى صاحبهُ مرّةً أن يُباع لطبّاخ حتى يملأ بطنه بما شاء. وتمنّى
(كافور) أن يملكَ مصرَ، فمضت الأيّام، وإذا بالأوّل يُباع لطبّاخ، وكافور يُباع
لقائد، فأظهر كافور كفاءةً واقتداراً عاليين، فلمّا ماتَ مولاه (سيِّده الذي
اشتراه)، قامَ مقامَه.
وفي ذاتِ يوم، مرّ كافورُ الملكُ بصاحبه
المُباع لطبّاخ، فقال لِمَن معه: لقد قعدت بهذا همّتُه، فكان كما ترون، وطارت بي
همّتي فأصبحتُ كما ترون! ولو جمعتني وإيّاهُ همّه واحدة لجمعنا عملٌ واحدٌ تحت
سقفِ هذا المطبخ!
أحد الشعراء التقطَ القصّة، فقال فيها شعراً:
وما المرءُ إلا حيثُ يجعلُ نفسَهُ ****
فكُن طالباً في الناسِ أعلى المراتِبِ
الدروس المُستخلَصة:
-1 أنا حيث أضعُ نفسي لا حيث يضعني
الناس، فكلّما ارتفعتَ بي همّتي نلتُ من المراتب أعلاها. قال الشاعر:
نفسُ عصامٍ سوّدت عصاما **** وعلّمتهُ
الكرَّ والإقداما
و(سوّدت) يعني جعلتهُ سيِّداً في قومه.
2- كثيراً ما تكون الأمنيات التي تحملها
النفوس الكبيرة سبباً لارتقاء المناصب العالية، فهم يجعلون من أمنياتهم أهدافاً
ويسعون للوصول إليها.