في سابقة لا مثيل لها، تمكن عالم الفضاء بجامعة هارفارد، إيدو بيرغر
من رصد انفجارات لأشعة غاما صدرت عن نجمة عملاقة يزيد عمرها على 13 مليار سنة، مما يجعلها أقدم شيء يتمكن العلماء من
رؤيته في تاريخ الكون.
وقد أشار بيرغر إلى أن
الانفجار استغرق 10 ثوان فقط، بحيث تمكن العلماء من رصد الضوء الناتج عن انفجارها
والذي وقع قبل 13 مليار سنة، وذلك بعد مرور 600 مليون عام على نشأة الكون.
انفجر هذا النجم قبل مرور
95 في المائة من عمر الكون الحالي، وبالتالي فهو أقدم شيء تمكن علماء الفلك من
رصده حتى اليوم. إن هذا النجم المسمى GRB 090423، أكبر من شمسنا بحوالي 30 إلى 100 مرة، وعند
أفوله كان قد أطلق كمية من الطاقة تتجاوز تلك الموجودة في الشمس عندنا بمليون مرة.
وقد أكد هذا الباحث أن العلماء طالما ظنوا أن بعد نشوء الكون بستمائة
مليون سنة، كانت هناك نجوم عملاقة ولكن "كان يعوزنا الدليل"، وهو ما
توافر الآن بعد رصدنا هذا الانفجار الذي وقع قبل هذه المدة الطويلة.
وأكد بيرغر أنه في السنوات القليلة المقبلة سيتمكن العلماء من تحديد
أعمار المجرات وفي أي مرحلة من عمر الكون تشكلت، وذلك بصورة دقيقة، مما ينهي جميع
الخلافات والنظريات المتباينة حول هذا الشأن.
يذكر أن الانفجار والذي استغرق 13 مليار سنة كي تصل أشعته إلى الأرض،
كان قد رصد بواسطة قمر "سويفت" الصناعي التابع للإدارة الوطنية
للملاحة الفضائية والفضاء الأمريكية (ناسا)، وذلك في مرصد "جيمني"
بهاواي.
انفجار النجوم هو أحد الحقائق الأكثر يقيناً في هذا الكون، وهذه
النهاية للنجوم أخبرنا عنها القرآن في العديد من آياته، في زمن كان الناس ينظرون
إلى الكون على أنه أزلي ولا يمكن أن يزول!
تعليق على هذا الاكتشاف العلمي
دائماً نقول إن القرآن لا يناقض العلم اليقيني، وكل ما يكشفه العلماء
لابد أن نجد فيه إشارة قرآنية ما تدل على إعجاز هذا القرآن وسبقه العلمي في كل
المجالات، وهو ما نحاول إثباته بالبراهين العلمية. ولذلك فإننا نلخص ما يمكن
استنتاجه في نقاط محددة كما يلي:
1- إن حقيقة انفجار ونهاية النجوم تحدث القرآن عنها في زمن لم يكن
أحد يعلم شيئاً عن هذا الموضوع، بل كان الاعتقاد السائد أن الكون وُجد هكذا منذ
الأزل وسيبقى هكذا بنجومه وكواكبه وشمسه وقمره. ولكن القرآن صحح ذلك في قوله
تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا
ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) [النجم: 1-2].
وقوله تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا
وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص: 88].
ويقول أيضاً: (فَإِذَا
النُّجُومُ طُمِسَتْ) [المرسلات: 8]. وفي آية
أخرى يقول عز وجل: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ *
وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) [التكوير:
1-2].
2- يقول العلماء إن هذا النجم انفجر قبل 13 مليار سنة (طبعاً هذه
حسابات بشرية والرقم الحقيقي لا يعلمه إلا الله تعالى)، ولذلك فإن العلماء لا
يمكنهم معرفة موقع هذا النجم وأين مصيره، ولذلك فقد أقسم الله تعالى بمواقع النجوم
وهو قَسَم عظيم فقال: (فَلَا أُقْسِمُ
بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ
لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ) [الواقعة: 75-77].
3- يقول العلماء إن هذه النجوم كانت وسيلة في الماضي لهداية البشر إلى
التوجه أثناء الليل في ظلام الصحراء أو البحر، ولكنهم اليوم يستخدمون هذه النجوم
للهداية إلى حقيقة الكون وتاريخه وكيفية نشوئه، وهنا يتجلى معنى جديد لقوله تعالى:
(وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) [النحل: 16].
4- يؤكد العلماء أنه لولا هذه النجوم لم يكن بالإمكان معرفة حقيقة
وبداية نشوء الكون، ولذلك فإن هذه النجوم مسخَّرة للدراسة والبحث والاكتشاف، ولذلك
قال تعالى: (وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ
بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ
الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 54]. فالنجوم مسخرة
لهداية البشر في الليل، ومسخرة لهم لمعرفة أسرار الكون.
5- في رحلات الفضاء وبخاصة بعيداً عن كوكب الأرض تفشل جميع الوسائل
في التوجه، ولا يمكن التوجه إلا بالاعتماد على النجوم ومواقعها، ولذلك تبقى هذه
النجوم وسيلة للتوجه في الفضاء الخارجي مهما تطورت وسائل العلم، وهنا نجد معنى
جديداً لقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي
جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأنعام: 97].