لعل
بعضهم يطلق على فصل الصيف فصل المتاعب الصحية، فارتفاع درجة الحرارة، والتعرض
المستمر لتيار المكيفات والمراوح، وارتفاع معدلات الرطوبة، كلها عوامل تزيد من
معدل الإصابة بأمراض الصيف، وليس هذا فحسب، بل إن مشكلة التلوث تزداد بارتفاع
درجات الحرارة وهذا ما يجعلنا نتنبه إلى مواجهة تلك الأخطار لحماية صحة المجتمع·
والحقيقة أن مصطلح >أمراض الصيف< غير
صحيح طبياً، فما يسمى >أمراض الصيف< يمكن
أن يحدث على مر الأيام خلال العام، ولكن حدوثها يزداد بشكل كبيرة في فصل الصيف·
ومن أشهر تلك الأمراض التسممات الغذائية، والالتهابات المعوية والطفيليات المعوية
والتيفوئيد والكوليرا، وغيرها·
لماذا يكثر انتشار أمراض الصيف؟
من المؤكد أن الجو الحار يساعد البكتيريا وسائر
الميكروبات المسببة لأمراض الصيف على النمو والتكاثر في درجات مرتفعة من حرارة
الجو· والذباب يجد مرتعاً خصباً مواتياً له في فصل الصيف الحار· وهو بلا جدال،
يعتبر من أهم العوامل الناقلة للجراثيم والطفيليات إلى المأكولات والمشروبات
فيصيبها بالتلوث·
والجو الحار يسرع في فساد المأكولات
والمشروبات، فتتخمر بسرعة، وبالتالي يزداد حدوث التسممات الغذائية·
ويكثر التعرق في فصل الصيف، وخصوصاً عندما
يصاحب الجو الحار بازدياد نسبة من الرطوبة في الجو· وكثرة التعرق عامل مؤهب لحدوث
الالتهابات الجلدية·
الإسهالات
تعتبر الإسهالات أكثر الأمراض التي تحدث عند
المسافرين، فهي تصيب 20 ـ 50% من المسافرين· وهي لا تميز بين شخص وآخر· وتنشأ عادة
عن >ذيفانات< Toxins جراثيم
شائعة مثل >الأيشريشيا
القولونية<، و>الشيغلا<، و>السالمونيلا< وغيرها·
وقد تنشأ عن الإصابة ببعض الطفيليات مثل >الأميبا< و>الجيارديا< وغيرها·
ومعظم الإسهالات تنتهي سريعاً ولا تحتاج إلى مضاد حيوي·
وماذا عن >الهامبرغر< والـ>هوت دوج< في أماكن الاصطياف؟
لعل من الصعب ضمان سلامة تناول مثل هذه
المأكولات، ومن ثمَّ ينبغي أولاً التأكد من أن اللحم المستخدم في صنعها هل هو لحم
جيد سليم؟، كما يجب التأكد من طهيه هل تم بصورة جيدة؟ لضمان قتل الجراثيم التي
يمكن أن تسبب الالتهابات المعوية·
وكثيراً
ما تنشأ تلك الالتهابات المعوية من تناول الأطعمة المرافقة للحوم مثل الخضراوات
والسلطات غير المطهية التي توضع مع اللحم في >الساندويتش>.
وربما
تأتي العدوى من أيدي الطهاة الذين يحضرون هذه المأكولات· فإن كان لا بد من تناول
هذه المأكولات، فيُنصح بعدم إضافة الخضراوات والسلطات، أو أي مادة غير مطهية، مع
التأكد من النظافة الشخصية للطهاة وذلك بلبس القفازات، والانتباه إلى نظافة
المكان، فالأماكن المكشوفة والمعرضة للذباب والحشرات أكثر عرضة لحصول المشكلات
الصحية المختلفة·
كيف تتجنب الإسهالات :
ـ انتبه إلى المياه التي تستعملها في الشرب أو
غسل الخضراوات· فإذا لم تتوافر تلك المياه المعلبة، قم بغلي الماء لمدة خمس دقائق
ثم برده واستعمله·
ـ كل من الفواكه التي تقشرها بيديك·
ـ اغسل يديك قبل تناول الطعام أو قبل استعمال
الأدوات·
ـ احذر تناول اللحوم غير المطهية·
ـ أفضل المشروبات تلك التي تكون مغلية·
ـ اللبن الزبادي غذاء سليم، يعقم الأمعاء·
يقول البروفيسور >غورباش< رئيس
قسم الأمراض الإنتانية في >بوسطن<:>من
الأسلم اتباع الوصية التالية في السفر عند تناول الخضراوات< إذا
لم تستطع تقشيرها فقم بغليها، أو اطهها تناسى أنك أكلتها<· الـصيف خطر··· يهدد الأطفال؟
ربما
كان الصيف خطراً حقيقياً يهدد الأطفال الصغار، فالجو الحار يحمل في ثناياه أمراضاً
تضر بالأطفال· ولا بد من توعية الأمهات والأطفال لهذه الأخطار كي تقضي العائلة
صيفاً خالياً من المتاعب الصحية أو إجازة بعيدة عن المشكلات والمنغصات·
وتنتشر
في بلادنا العربية، وكذلك في البلدان ذات الجو الحار أمراض كثيرة يكثر حدوثها في
فصل الصيف· وأهم هذه الأمراض: الإسهال الصيفي والتهاب المعدة والأمعاء، والزحار >الدوسنتاريا<، و>التيفوئيد<، والتهاب الجلد وغيرها·
والإسهال
الصيفي هو من أشد هذه الأمراض وبالاً عندما يصاب به الأطفال في السنة الأولى من
العمر· فالنـزلات المعوية الحادة قد تودي بحياة الكثير من الأطفال في هذا السن ما
لم يتلق الرضيع العلاج الصحيح بسرعة فائقة· فالإسراع في الذهاب إلى طبيب الأطفال
عند إصابة الرضيع بالالتهاب المعوي الحاد أمر أساسي، والتأخر في تلقي العلاج يعرض
حياة الرضيع للخطر الحقيقي·
ونذكِّر
الأمهات أنه إلى جانب الأدوية والمحاليل التي يصفها الطبيب لهؤلاء الرضع، فإن ثدي
الأم يظل أفضل المصادر لتغذية الطفل، فإضافة إلى أنه معقم وخال من الجراثيم، فإنه
أسهل الألبان هضماً· فإن لم يتوافر، فيعطى الطفل الحليب (اللبن) الجاف الخالي من
الدسم فهو سهل الهضم·
سلوكات خاطئة في فصل الصيف :
ومن السلوكات الخاطئة التي يمارسها الكثير من
الناس كثرة تناول المشروبات الغازية عندما يكون الجو حاراً جداً، ظناً من شاربها
أن ذلك يطفئ عطشهم ويغنيهم عن الماء، والحقيقة غير ذلك، لأن المشروبات الغازية
ترفع مستوى الضغط >الأسموزي< داخل
الخلايا، وترفع من مستوى سكر الدم، مما يزيد من الإحساس بالعطش، وهو ما يشعر به
حقيقة الكثيرون، فيطلبون الماء بعد تناول المشروبات الغازية·
وللمكيفات في فصل الصيف··· أضرار
معروف أن الانتقال المفاجئ من حرارة مرتفعة إلى
برودة في الجو يمكن أن يؤدي إلى تأثر الأغشية المخاطية لمداخل الجهاز التنفسي في
الأنف والحلق، مما قد يؤهب للإصابة بأعراض تشبه الأعراض الناجمة عن فيروس >الانفلونزا< كالشعور
بالإعياء والزكام·
وقد
تصبح المكيفات نفسها مصدراً للميكروبات إذا لم تجر عليها أي صيانة، أو ينظف فلترها
باستمرار· وقد يؤدي الانتقال المفاجئ من مكان حار إلى مكان بارد أو العكس إلى
زيادة التعرض للإصابة ببعض الفيروسات·
ولا
شك أن الراحة هي أفضل علاج عند الإصابة بأعراض الانفلونزا أو الزكام، وذلك لرفع
مقاومة الجهاز المناعي في الجسم، وينصح عندئذ بتناول الأغذية الغنية بالفيتامينC
كالحمضيات التي منها (الليمون والبرتقال)، ولا
بأس بتناول غرام واحد من فيتامين >C< يومياً لأيام عدة·
كسل الصيف·· عرض أم مرض؟
يعاني بعض الناس، وبخاصة البدينون من الشعور
بالكسل والخمول في فصل الصيف· وقد يعزا ذلك إلى عجز الجسم عن التخلص من الحرارة
الفائضة بسبب عدم قدرته على إفراز العرق ما يؤدي إلى ارتخاء في العضلات، كما يؤدي
فقدان الجسم لقدر كبير من السوائل والأملاح إلى حدوث تشنج في العضلات، وخصوصاً في
أثناء المشي·
والبدينون
أكثر عرضة لهذه الأعراض، وذلك أن تراكم الدهون تحت الجلد يحول دون تسرب حرارة
الجسم إلى الجو الخارجي، مما قد يسبب الشعور بالضيق والاختناق عند البدينين·
فليحذر هؤلاء من الإفراط بالجهد العضلي في جو حار ورطب، وليعوضوا ما فقدوه من
سوائل وأملاح·
وليس
صحيحاً أبداً أن الجو الحار يرفع ضغط الدم، فارتفاع حرارة الجو يؤدي إلى توسع
الأوعية الدموية، وهو ارتكاس طبيعي، ويؤدي إلى انخفاض >فيزيولوجي< في
ضغط الدم· ولكن المرضى المصابين بانخفاض ضغط الدم· ربما يكونون أكثر عرضة لحدوث
نوبات الدوخة أو الإغماء في الجو الحار·
حرارة الجو وجسم الإنسان :
قد يرتكس الجسم عند التعرض المديد لحرارة الجو العالية بأشكال عدة :
أ ـ التشنجات الحرارية Heat
Cramps :
وتنجم عن تقلصات في العضلات بعد ساعات عدة من
القيام بجهد عضلي تحت ظروف جوية حارة· وتحدث تلك التقلصات نتيجة فقدان كميات كبيرة
من الأملاح والماء في أثناء التعرق·
ب ـ الإرهاق الحراري Heat
Exhaustion